ليس تأبيناً متأخراً فقد قيل في حقه الكثير المستحق، ولن يتوقف. ولعل حروفي المتواضعة كانت في زحمة ما كُتب عن مآثره، وستبقى خالدة، إلا أن ما أعاد الذكريات هو تحديث مقر صالون الخيّال الثقافي الفصلي. تذكرت مقعده – رحمه الله – في صدر الصالون حيث كان لا يتأخر عن مشاركتنا ولو لجزء من الزمن.
وإن نسيت شيئًا فلن أنسى تقديمه ديواني الثالث المنثور قائلاً: ديوان يقدّم نفسه درر بزخات المطر لولا إذ خشيت أن يقع اعتذاري في نفسه موقعاً لم أكن أعنيه، لما أيّدته في كتابة تقديم لهذا الإصدار؛ فالمؤلف شاعر وناثر، ولم تجرِ العادة في كتاب شعري نثري كهذا أن يحتاج إلى تقديم، لكنها ثقة أخ محبّ، أراد أن يستضيف اسمي إلى جواره. ولو قدّر لي أن أضع هذه الاستضافة في ميزان القيمة فإنني الأكثر ربحاً.
لم يكن بيني وبين الأخ المؤلف علاقة قديمة سوى معرفة الحرف، ثم قدّر لها أن تتعمّق من خلال التواصل الأُسَري، فوجدت في سموّ خُلقه ورفيع قدره ما جعلني أندم على مجيء الصِّلة متأخّرة، ففيه من المناقب الشخصية والمعاني الإنسانية، فضلاً عن الأدب الحسّي والمعنوي، ما يجعل المرء يشرُف بالانتساب إلى معرفته وتوثيق الصِّلة به. ولقد كان اطّلاعي على نشاطه الثقافي والأدبي وإسهامه «التويتري» ما كان مفاجأةً تبعث على السرور والاغتباط بذائقته الأدبية.
ومن يتمعّن في دواوينه الثلاثة: «وشمٌ على أديم القمر» المطبوع مرّتين ، و»لؤلؤ فوق سطح البحر» الصادر هذا العام، وهذا الديوان «دُررٌ بزخّات المطر»، يلحظ أن الثقافة كانت تحتلّ عند كاتبنا حيّزاً مبكّراً أكثر من أي اهتمام آخر، وهو كسب كبير لأهل الثقافة، يزداد به رصيدهم عدداً ونوعاً. وأظن – عن اقتناع – أنه قد خُلق في الأصل ميسّراً لهذا الفن، وكان يتسلّى بما هو غيره، حتى إذا ما حان وقت التقاعد عاد فانصرف لحبه الأول، وليتصدّر به.
لقد كان بودّي أن أقول شيئاً في تقويم مادة الكتاب، لكنني غير متخصص في النقد الأدبي. وأكثر ما شدَّني في كتاباته نزعته الإنسانية الصافية، وأُسريّته الحانية. وقد ظلا – مع تأملاته في السماء والبحر والمطر – معيناً استقى منه معظم وجدانيّاته، وهو في هذا لم يتصنّع ولم يتكلّف؛ فهذه طبيعته، وهذا تكوينه عند كل من يعرفه عن قرب أو عن بُعد. وما هذه الإصدارات الثلاثة إلا تجسيدٌ خالص لشخصيّته، وما أحلى أن يكون إنتاج الكاتب انعكاساً واقعيّاً لأحاسيسه ومشاعره.
حيّا الله الكاتب والكتاب ذَا القيمة المُضافة للثقافة والأدب، وليهنأ محبّوه وقرّاؤه بهذه الإضافة النوعيّة الثالثة لإصداراته، وعلى هذا المنوال سيكون لهم – بإذن الله – موعد مع إصدارات جديدة قادمة. وحفظه الله – دعاءً بزخّات المطر – لرفيقة دربه، ولأسرته كافة.
** **
عبدالرحمن الشبيلي
الرياض، الجمعة 8 / 5 / 1436 هـ
27 – 2 – 2015 م
تعريف بسعادة مقدِّم الكتاب:
د / عبدالرحمن بن صالح الشـبيلي
المدير العام للإذاعة والتلفزيون سابقاً
محاضر ورئيس قسم بجامعة الملك سعود
وكيل وزارة التعليم العالي سابقاً
عضو مجلس أمناء جمعية العلامة حمد الجاسر
رئيس مجلس الأمناء للشركة السعودية للأبحاث
عضو مجلس الشورى 3 دورات برلمانية سابقة
** **
صالح السويّد – كاتب وروائي