كثير هم الأعلام في هذا الوطن الذين لا تتحرك أقلامنا نحوهم إلا عندما يحين ظرف أو تطرأ مناسبة.. والشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن المسند – أمد الله في حياته على زيادة عمل صالح – هو أحد هؤلاء.
وقبل أن تتناول هذه المقالة (الظرفية) جوانب من حياته التي لا ندعي إحاطة كاملة بها، هو في المقام الأول عالم سعودي جليل عُرف بوسطيته واعتداله وتسامحه ونهجه المتوازن في كل الأمور المتصلة بالعقيدة والتعامل، بل وعلى مستوى العلاقات الشخصية والإنسانية.
لقد عرفتُ الشيخ عبدالعزيز معرفةً شخصيةً وثيقةً منذ نحو أربعة عقود، وكان – بشكل خاص – أحد المشايخ الأفاضل الذين كنا في بدايات إذاعة الرياض – تلفزيون الرياض – نرجع إليهم في أمور كثيرة، ننشد منهم الرأي والمشورة، وكانوا يتلقون إثقالنا عليهم بصدر رحب، فلا يترددون بالمجيء شخصيا لمراقبة مادة إعلامية، أو لتسجيل حديث، أو للمشاركة في مقابلة، وكان في مقدمة هؤلاء فضيلة الشيخ محمد بن جبير – رحمه الله – والشيخ المسند – حفظه الله – اللذين شاركا فيما بعد في المجلس الأعلى للإعلام.
وكنت قبل هذه المعرفة (الإعلامية) أدين له بالتلمذة، عندما كان مديرا عاما للكليات والمعاهد في مطلع الثمانينيات الهجرية في وقت كنت أحد طلابها، وقد عرف حينها بلطف التعامل وروح التسامح ونسبة عالية من التواضع ولين الجانب مع الدارسين، فضلا عن أقرانه من المعلمين.
ثم جمعتنا رابطة ثالثة كانت أكثر حميمية وقربا، عندما أصبحنا زملاء في وزارة التعليم العالي، أيام ولاية شيخنا الراحل حسن بن عبدالله آل الشيخ ثم أستاذنا الجليل د. عبدالعزيز الخويطر، وهي الرابطة التي أتاحت لكل منا معرفة الآخر عن قرب، فاكتشفت من خلالها شفافيته الإنسانية، واطلعت على كثير مما يتحلى به من عواطف وصبر وتحمل، ظهر لي بعضها عندما تلقى بالرضا والإيمان وفاة أكبر أنجاله المفاجئة في بريطانيا، واستقباله نعشه محمولا ليدفن في وطنه.
وأذكر، فيما أذكر، في هذه الفترة، تقبله بأريحية صادقة، قرار ولي الأمر بعدم التمديد له رئيسا لتعليم البنات، بعد فترة وجيزة تولى الإشراف عليها.
ثم جاءت صلة رابعة، (تزاملنا) فيها في مجلس إدارة هذه المؤسسة الصحفية، والحق يقال إنه كان، وما يزال، إحدى الركائز الرصينة التي قامت عليها هذه المؤسسة تأسيسا واستمرارا، وكان نعم العضيد والناصح والمتعاون لي شخصيا ولهذه المؤسسة طيلة الأعوام الأربعة التي أمضيناها سعداء في هذا الصرح العزيز.
أشعر شخصيا أنه لو لم يعرف من أفضال هذا الإنسان في المجتمع إلا برنامجه التلفزيوني المستمر منكم وإليكم، وكذا سعيه بين الناس لإصلاح ذات البين، لاستحقاق التكريم لكفى، فكيف بسجل حافل في مجال البر والتعليم والإعلام والدعوة ومعالجة القضايا الإنسانية والمشاركة في العمل الاجتماعي المتعدد الوجوه.. يستحق في كل ميدان منه تكريما خاصا.
الليلة، يختصه نادي القصيم الثقافي، ضمن برنامجه السنوي، وبين عشيرته الأقربين، بتكريم خاص، وهو أمر يقدر للنادي وللقائمين عليه، وإن كنت أشعر أن عبدالعزيز المسند، هو أحد أعلام الوطن، الذين أبلوا في خدمته ورفعته والولاء له البلاء الحسن، ووقفوا إمكاناتهم في سبيل إنهاضه وصونه والارتقاء به، مع جهد خاص قام به في كل أنحاء العالم للدعوة إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة. ألا يستحق بعد كل هذا أن نكرمه على مستوى الوطن