لو استمرّت مسيرة عبدالله راجح في الصعود كما بدأت لكان من ألمع رجال الإعلام في تاريخ المملكة العربيّة السعوديّة، ولكان يُشار إليه بالبنان إعلاميّاً بدرجة تفوق بعض مَن عاصره أو أتى من بعده. ولن يتردّد كاتب هذا المقال في أن يصفه أوصافاً عليا، تليق بمكانته وقدره، بمستوى الروّاد الكبار عباس غزاوي وعزيز ضياء وطاهر زمخشري؛ فهو ما كان يقل عنهم ذكاءً واحترافاً، بل يمتاز عليهم صوتاً، ومرّ على تقديم كل صنوف البرامج الاجتماعيّة والسياسيّة والشعبيّة، لكنه كان قنوعاً بما وصل إليه. أحبّ المايكروفون؛ فوجد ضالّته فيه، وصار هاجسه وشاغله وحياته، واكتفى به عن كل شيء.
فمنذ أن عرفته قبل خمسة وخمسين عاماً (1383هـ/ 1963م) عندما دلفت إلى عتبات الإذاعة السعوديّة بجدة، في المبنى المجاور لمؤسسة النقد على الشارع المؤدي شرقاً إلى المطار القديم، وعبدالله راجح يتربّع بجدارة على كرسي المهنيّة الإذاعيّة، بوصفه كبير المذيعين فيها، ثم مراقباً عاماً للبرامج، بحزمه وجسارته ومرجعيّته الإدارية، وضبطه للأمور، لا يحابي ولا يجامل على حساب العمل، ولا يتردّد في اتّخاذ القرار، وكان الساعد الأيمن لرئيسه عبّاس غزّاوي، وأكرم بالرئيس والمرؤوس، اللذين لم يعطهما التوثيق ما يستحقّانه في تاريخَيْهما الإذاعي من قدر وتقدير.
أدرك عبدالله راجح أوائل الإذاعيّين من جيل بابا طاهر زمخشري وبابا عبّاس غزّاوي وبابا عزيز ضياء وعبدالله المنيعي وحسن قرشي وبكر يونس، وكل الروّاد المتقدمين، لكنه لم يكن أولهم؛ إذ التحق بالإذاعة في حدود عام 1376هـ / 1957م. ثم لحق بهم الجيل الثاني المكوّن من مطلق مخلد الذيابي ويحيى كتّوعة وبدر كريّم ومحمد صبيحي ومحمد مشيّخ وعبدالكريم الخطيب وحسن الطوخي وخميس سويدان وعبدالكريم نيازي ومحمد الشعلان وغيرهم، الذين كان لهم قسط من التدريب في المعهد الإذاعي في مصر أيام كانت الإذاعة المصريّة في 4 شارع الشريفين بالقاهرة في منتصف السبعينيات الهجريّة (الخمسينيات الميلاديّة)، وكان عبدالله راجح واحداً من هؤلاء