لم تكن مفاجأة للكثيرين ولي أن تأتي مؤسسة الملك فيصل الخيرية كعادتها، بخبر عزمها تأسيس أول جامعة أهلية خيرية في هذا الوطن، فلقد كنا نعرف تحمس القائمين عليها لمثل هذا المشروع منذ أن فتح بابه قبل تسع سنوات، كما لم يكن غريباً على المؤسسة، التي تعودنا منها الأعمال العظيمة، وأنها لا ترضى بالحد الأدنى، أن يكون تصوّر هذه الجامعة على النحو الذي عرضت وخططت عليه. فالجامعة، التي ستكون حقيقة بإذن الله بعد عامين في الأكثر، لن تكون تكراراً لتخصصات قائمة، وستلبّي حاجة البلاد من تخصصات جديدة أو نادرة، والأهم من ذلك أنها ستستند في أساسها على خبرات تعليمية عالمية ذات تخصص وعراقة، بحيث تغني بعض الشباب المتطلع للدراسة في الخارج عن الغربة، كما يتم تأسيس الجامعة في شكل شراكة بين مجموعة من الرموز الاقتصادية المحلية والخارجية المعروفة بإسهاماتها، الخيرية والاستثمارية. ويأتي إقدام مؤسسة الملك فيصل الخيرية مشكورة، والإصرار على المضيّ فيه، في وقت لوحظ فيه تردّد بعض رجال الأعمال على الدخول في هذا المجال، بعدما لاحظوا أمام تمسك مجلس التعليم العالي بشروط الجودة والنوعية أن العائد من الاستثمار فيه ليس من النوع العاجل كما تصوروه قبل صدور لائحة الكليات الأهلية «الربحيّة».
***
ومع أن المؤكد أن المؤسسة وشريكاتها لم تقدم على الإعلان عن المشروع إلا بعد دراسة الجدوى الاقتصادية والتعليمية، وبعد حسابات دقيقة عن كل ما يحيط به، إلا أنني كنت أتمنى لو أقيم المشروع في منطقة من مناطق المملكة ذات الكثافة السكانية التي تخلو من فرص التعليم العالي ومؤسساته، وذلك كي لا تتراكم تلك الفرص في مناطق معينة، سيكون، على أي حال، بمقدور المؤسسة تحقيق ذلك عن طريق انشاء فروع للجامعة في المناطق الأقل حظاً من توافر هذه الفرص، كما يمكن لها أساساً أن تقيم المشروع في إحدى المدن الصغيرة المجاورة للرياض للمساعدة في تنميتها وللتخفيف من ازدحام العاصمة، وهي أمور لن تفوت بإذن الله على المخططين.
لقد حرصت كل الجهات التي تبنّت إقامة الكليات الأهلية بشقيها الخيري والربحي على أن تقيم مشروعاتها على مقربة من الجامعات القائمة للاستفادة من إمكاناتها البشرية، لكنه في تقديري أمر ينبغي أن يكون له حدود، وإلا فإننا سننتهي الى «تخمة» في منطقة و«فقر» في أخرى.
***
لكن الخوض في مثل هذه النقطة، ينبغي ألا ينسينا في ختام هذا المقال إكبار الأعمال الخيرية الجليلة التي ما فتئت مؤسسة الملك فيصل الخيرية، العملاقة في أهدافها وإنجازاتها، تحققها في كل حين وفي كل مجال يعود بالنفع والخير على الجميع.
بارك الله بجهودها، وبجهود كل المخلصين .