تلقّى د.عبدالرحمن الأنصاري يوم السبت الماضي في القاهرة، درع الآثاريين العرب في مناسبة كُرّم فيها ضمن مجموعة من علماء الآثار الروّاد.
والدكتور الأنصاري، الذي جاورته في مقاعد مجلس الشورى ثمانية أعوام، وزاملته قبل ذلك أستاذاً في جامعة الملك سعود سنوات أطول، هو بلاشك العالم السعودي الأول الذي أرسى، بكل تفان وإخلاص، الأسس العلمية الحديثة لدراسة الآثار في المملكة، ثم رعاها أفضل ما تكون الرعاية، ورافق طلابها بصبر وأناة، وأشرف على دوريّاتها وأبحاثها، وألقى فيها العديد من المحاضرات، ورأس من أجلها الكثير من الندوات، وشارك في مناقشة العشرات من الأطروحات والدراسات.
والدكتور الأنصاري، هو نجل محمد الطيب الأنصاري، أحد المشائخ الذين درّسوا في المسجد النبوي الشريف في مطلع القرن الهجري الفائت، وتخرّج على يديه مجموعة من طلبة العلم، وكان من بينهم الأديب والعَلَم المعروف الشيخ عبدالقدوس الأنصاري أحد رواد الصحافة في المدينة المنورة وصاحب مجلة المنهل.
وهو أحد طلائع مبتعثي جامعة الملك سعود من المعيدين، الذين حصلوا على الدكتوراه في منتصف الثمانينات الهجرية، ثم حملوا راية التدريس في مختلف التخصصات، إذ كان قد حصل على الدكتوراه من جامعة ليدز البريطانية سنة 1386ه، ثم سعى فور عودته إلى إنشاء جمعية التاريخ والآثار، ثم بادر إلى تأسيس فرع الآثار في قسم التاريخ، وظل حتى اليوم يرأس الجمعية السعودية للدراسات الأثرية منذ تأسيسها سنة 1407ه.
وقد رأس في التسعينيات الهجرية عدة ندوات عالمية لدراسة تاريخ الجزيرة العربية، ورأس تحرير عدة دوريات للآثار (العصور، وأدوماتو التي تعني دومة الجندل)، كما أنه أحد رعاة مجلة المنهل، أقدم مجلة أهلية سعودية.
أما على صعيد التأليف، فقد قام بمفرده أو بمشاركة آخرين بتأليف عدد من الكتب عن تاريخ هذه البلاد وآثارها وآدابها، وقد صدر أقدمها إلى سنة 1380ه عندما كان في مقاعد الدراسة الجامعية، إذ أصدر كتابيه: ظاهرة الهروب في أغاريد الصحراء، وظاهرتان في حياة أبي الطيب المتنبي (مطابع دار الكتاب العربي، مصر 1960م).
ثم أصدر كتابين عن الآثار، أحدهما بالعربية والإنجليزية عن قرية الفاو، والثاني عن العلا ومدائن صالح بمشاركة آخرين.
كما أصدر قبل ثلاثة أعوام كتاباً وثائقياً من جزأين عن المواصلات والاتصالات في مائة عام، وقد تفرّغ الآن للبحث والتأليف والنشر عبر مؤسسته: دار القوافل. بالإضافة إلى عضويته في مجلس أمناء الهيئة العليا للسياحة في المملكة.
وقد اقترن اسم الدكتور الأنصاري باكتشاف قرية (الفاو) الأثرية في جنوب المنطقة الوسطى من المملكة سنة 1392ه، وبإقامة أول معرض لآثارها في جامعة الملك سعود في العام التالي، وكان قد قاد الفريق البحثي العلمي الذي حدد موقع هذه القرية، وكان له السبق في التنقيب عن كنوزها ونقوشها الأثرية.
ود. الأنصاري عضو في عدد من الجمعيات التاريخية والأثرية العالمية، وهو يٌعد حجة في كل ما يتصل بالآثار في عموم الجزيرة العربية بدءاً من بلاد الشام وفلسطين، عبر بدومة الجندل والأراضي المقدسة وانتهاءً بسد مأرب واليمن.
إن درع الآثاريين العرب يتواضع أمام الجهود الكبيرة للدكتور الأنصاري وحقه، لكنه كبير في عيون زملائه، وهو تكريم لكل المؤرخين والآثاريين في هذه الجزيرة العربية.