رضا الفيلي الإعلام بالأخلاق


      هزّني خبر رحيله ، لا لكونه زميل مهنة عبر فضاءات الإعلام الخليجي فحسب ، ولا من أجل إسهاماته في مسيرة الكلمة والصوت في أكثر من نصف قرن ، فهناك العشرات ممن يشتركون في تلك الصفات ، ولكن لأنه انفرد بسمات لا تتوافر إلا للقلة من أكرمهم الله بها ؛ إنها الإعلام بالأخلاق ، وهو ما نتحسّر على فقده برحيل الفيلي ومن يتحلّى بصفاته ، في زمن رديء من أزمنة لم يشهد الإعلام العربي مثيلاً لها من قبل ، وحقّ للأهل في الكويت أن يفجعوا لفقده ، لأنهم يودّعون في شخصه قامة من قامات الإبداع والمهنيّة العالية الممزوجة بقدر كبير من التواضع والسمت والإخلاص ، بقي علامة مضيئة مميّزة تسبق اسمه ووظائفه.  

   برحيل الزميل رضا يفقد الإعلام الخليجي بخاصة والعربي بعامة ، واحداً من أبرز رموزه وقياداته التي تربّعت بتواضعٍ وثقة على منصّته ، ضمن جيل  لم يتكرّر ، بالرغم من تعدّد معاهد الإعلام وكليّاته ، ذلك لأنه كان يتنفّس هواء المهنة في حياته اليومية ، ويعيشه ويستنشقه في يقظته وأحلامه.  

   تسعة أشهر فقط ، تفصل كاتب هذه السطور في آخر لقاء له مع الصديق الراحل، عند زيارة رمز الإعلام الكويتي والخليجي ( محمد السنعوسي ) في منزله بعد الوعكة التي ألمّت به والمصيبة التي فجعته بابنه ، فكان لقاءاً على أديم الأخوّة والمهنة ، تدفّقت فيه حميميّة الفيلي      خجلاً وعطاءً وتواضعاً.

    كان السنعوسي والفهد والمؤمن والمفرّج والفيلي ضمن جيل نادر ، يحترم مهنته ، لم يعرف الطائفية ولا الانقسامات ولا التفرقة ، يحوم حول حمى الوطن ، ويصون أرضه وكرامته ، ويجعل من اللُّحمة الوطنية أقدس كلمة عنده بعد القرآن الكريم والسنّة المطهّرة.  

    عفوك رضا ؛ فهي كلمة لا تكفي قدرك ولا تناسب مقدارك ولا تعوّض فراقك ، ويكفي أن أُنيب في تعزيتي صفوةً تشاركني محبّتك ، في وطن لن يُقصّر في حقّك وبرّك.      

____________

* إعلامي سعودي