جدّد نظام «هيئة البيعة» في المملكة العربية السعودية، الصادر يوم 20/10/2006 في خمس وعشرين مادة، التأكيد على ما كان قائماً بالعُرف والتقاليد، ومعمولاً به بالتطبيق، ومنصوصاً عليه في النظام الأساسي للحكم، (الدستور) الصادر عام 1992، وبما سبقه، من أن خلافة الحكم ووراثته تنحصر في ذريّة المؤسس الراحل (الملك عبد العزيز) أبناءً ثم أحفاداً، شريطة توافر الكفاية والصلاحية. وعلى الرغم من الأهمية السياسية لهذه السلالة، إلا أن قلةً من الباحثين السعوديين قد سلّط الضوء توثيقاً، على جوانبها الأسرية وأعدادها ومنازلها العُمرية، ذلك لأنهم ربما، يجدون شيئاً من الحرج في تحديد التسلسل والتداخلات، لدرجة أن أكثر من تناوله فيما مضى كان من مؤرخين غير محليين، من أمثال فيلبي والزركلي وحافظ وهبة، فبقي الموضوع، رغم وضوحه ومعاصرة أهله، مجالاً لاختلاف الروايات وكثرة الأخطاء والتناقضات. ثم تجدّد الاهتمام مع صدور هذا النظام الجديد قبل أيام، الذي يقضي بتشكيل «هيئة للبيعة»، تتكوّن من «عَقِب» المؤسس، وتتركز مهامها في اختيار ولي العهد «ملك المستقبل» بعد التأكد من أهليته، مع تخويلها التصرف في حال خلوّ أحد المنصبين ـ الملك أو خليفته ـ أو عجزهما، إلى غير ذلك من الأمور التنظيمية، التي تكفل استمرار الحكم، وتتلافى حدوث أي فراغ دستوري فيه. لقد بدأ العمل، بشكل مؤسسي، بتدوين ما يتصل بتاريخ الأسرة المالكة وشؤونها مع قيام «دارة الملك عبد العزيز» في السبعينات، فظهرت نواة شجرة رسمية للأسرة، معتمدة على الروايات الشفوية والمصادر التاريخية، ثم تطور التوثيق بشكل ملحوظ وأخذ ينحى منحىً علمياً وأكاديمياً، وبخاصة بعد الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس المملكة (1999م)، وكان الفضل الأكبر في أغلبه يعود إلى جهود سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، المعروف بحسّه التوثيقي، وبمتابعته الدقيقة ووعيه لكل ما يكتب أو يتصل بتاريخ الأسرة المالكة بشكل خاص، وبشؤون المملكة والجزيرة العربية بشكل عام. واقترنت الانطلاقة الأكبر للدارة بمقر جديد أنيق في محيط مركز الملك عبد العزيز التاريخي (الذي دُشن بمناسبة ذلك الاحتفال المئوي)، وبالرئاسة الفخرية والفعلية للأمير سلمان، وتعزّرت بانتماء ثلة من الباحثين والمؤرخين الأكاديميين الأكفاء. وهناك جهات رسمية أخرى، تعنى أيضاً، في حدود اختصاصها، بتتبّع تنامي أعضاء الأسرة المالكة ـ التي يقال إن عدد أفرادها الأحياء والأموات بجميع فروعها يقارب الخمسة آلاف ـ وهي: مجلس العائلة بالديوان الملكي، ورئاسة المراسم الملكية. أما على الصعيد الفردي، فظهرت مجموعة كرّست اهتمامها لرصد تاريخ المملكة، ووضع تراجم لرجالاتها الأوائل والمعاصرين، ومتابعة نموّ شجرتها، فالأستاذ عبد الرحمن بن سليمان الرويشد، على سبيل المثال، يعدّ اليوم مرجعاً لتركيبة آل سعود، العارف بصلات المصاهرة بينها، وقد ركز معظم جهوده واهتمام دار النشر (الشبل) التابعة له، لإصدار أعمال تتصل بالعائلة المالكة، أصولها وفروعها، كان منها: موسوعة الجداول الأُسرية لسلالات آل سعود.
إن مما يساعد على الإحاطة بهذه الأسرة مع ازدياد عدد أحفادها هو التعرف على أصولها وفروعها، وعلى تداخلات أواصر المصاهرة (الأرحام) بينها، وعلى الكِنى والألقاب، إن وجدت.
* مراحل الدولة السعودية
* يتوافق مؤرخو الدولة السعودية على تسمية الفترات الزمنية التي مّرت بها، منذ قيامها قبل عدة قرون، بأربع مراحل: 1 ـ مرحلة إمارة الدرعية منذ تأسيسها من قبل أسلافهم الأقدمين في حدود عام 850هـ على يد منشئها الأول مانع المريدي. 2 ـ الدولة السعودية الأولى، وتبدأ من عهد الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، الذي تحالف مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب (عام 1753م) وتنتهي بالغزو التركي المصري على نجد (عام 1818) وتولى الحكم فيها أربعة «أئمة» رئيسيين من آل سعود. 3 ـ الدولة السعودية الثانية، وتبدأ تاريخياً من عهد مؤسسها الفعلي الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود عام 1824، الذي اتخذ من الرياض عاصمة للدولة، وتنتهي بفترة حكم قصيرة لحفيده الإمام عبد الرحمن الفيصل، والد الملك عبد العزيز (1895)، وقد تعاقب على الحكم خلالها ثمانية أئمة وأمراء من آل سعود. 4 ـ الدولة السعودية الثالثة (المعاصرة) التي بدأها الملك عبد العزيز عام 1902، وفيها تحوّل لقب الحاكم من إمام (أو سلطان) إلى ملك.
* تقسيمات الأسرة المالكة
* يمكن، بشكل عام، الاجتهاد بتقسيم الأسرة السعودية الحالية إلى أربع مجموعات رئيسية، وهي:
1 ـ الفروع التي تلتقي مع آل سعود في جدهم الأعلى مقرن، ولكنهم ليسوا من أبناء (سعود بن محمد بن مقرن) الذي تتسمى الدولة باسمه.
2 ـ الفروع التي تتحدر من سعود بن محمد بن مقرن (والد الإمام محمد بن سعود، مؤسس الدولة السعودية الأولى) ومنهم: آل محمد بن سعود نفسه، وآل ثنيان، وآل مشاري، وآل فرحان. 3 ـ أسر تتفرع من الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الثانية، ومنهم آل جلوي، وآل تركي، وآل فيصل (وينبثق عن الأخيرين: آل عبد الرحمن بن فيصل، وآل سعود بن فيصل وغيرهم). 4 ـ ذرية الملك عبد العزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة المعاصرة (وهم موضوع هذا المقال) وهم يكوّنون فرعاً يتحدر من كل الأصول الثلاثة السابقة، ويطلق عليهم لقب «أصحاب السمو الملكي».
* سلالة الملك عبد العزيز
* كانت ولادة الملك عبد العزيز ـ على الأرجح ـ في عام 1876 بمدينة الرياض، ووالدته هي: سارة بنت أحمد السديري (الأول)، وقد أمضى مقتبل شبابه في الكويت قبل أن يقوم بمحاولته الثانية لاستعادة الرياض (1902)، وكان له من الإخوة خالد وفهد وفيصل (أكبر منه) ثم محمد وعبد المحسن وسعد (الأول) وسعود وعبد الله وسعد (الثاني) ومساعد، ومن الأخوات: نورة وهيا ومنيرة وشاهة ولطيفة ودليّل وشيخه والجوهرة وموضي وحصة ولولوة وسارة وشريفة، ولم يبق من ذرية الإمام عبد الرحمن الفيصل هؤلاء، إخوة الملك عبد العزيز ـ حسب علمي ـ سوى الأميرة شيخة بنت عبد الرحمن الفيصل.
وفي أثناء مكوثه في الكويت، ولد نجله الأكبر تركي الذي يكنى الملك به (أبو تركي)، وقد قدر له أن يعيش حتى عام 1919 بعد أن خلف من الذكور ابنه الوحيد فيصل بن تركي (الأول) الذي كان تولى حقيبة وزارتي العمل ثم الداخلية في عهد الملك سعود، ثم ولد في الكويت للملك عبد العزيز في عام فتح الرياض (1902) شقيق لتركي، هو سعود الذي أعلن كأول ولي عهد (وريث) للملك عبد العزيز (1933) وتولى الحكم بعد وفاته (1953).
ثم توالت ولادة أبناء الملك عبد العزيز في مدينة الرياض ومدن أخرى، وهم دون ترتيب ـ (بالإضافة إلى تركي وسعود): فيصل ومحمد وخالد وناصر وسعد ومنصور وفهد وعبد الله وبندر ومساعد وعبد المحسن ومشعل وسلطان وعبد الرحمن ومتعب وطلال ومشاري وبدر وتركي (الثاني) ونواف ونايف وفواز وسلمان وماجد وثامر وممدوح وعبد الإله وسطام وأحمد وعبد المجيد ومشهور وهذلول ومقرن وحمود (وهو الأصغر سناً). وهناك من الأبناء من لم يذكر لوفاته في أثناء صغره أو شبابه مثل سعد (الأول) وفهد (الأول) ومتعب (الأول) وهكذا. ويتوقف الباحثون ـ كما سلف ـ عن الخوض في أعمار هؤلاء الأبناء، وذلك بسبب عدم دقة المعلومات التي توثق تواريخ ميلادهم، إذ ما يزال البعض يقرن ذلك بأحداث حربية أو سياسية أو طبيعية، علماً بأن جريدة «أم القرى» ومصادر أخرى قد وثقت مواليد البعض أو وفياتهم.
* محطات ولحظات
* ويمكن إلقاء مزيد من الضوء على سلالة الملك عبد العزيز هذه، من خلال الزوايا الآتية:
* أولاً: الأبناء الذين تولوا مقاليد الحكم بعد الملك عبد العزيز، وهم: ـ الملك سعود (1953 ـ 1964). ـ الملك فيصل (1964 ـ 1975). ـ الملك خالد (1975 ـ 1982).
ـ الملك فهد (1982 ـ 2005). ـ الملك عبد الله (2005).
* ثانياً: الأبناء الذين شاركوا في أعمال حربية مبكرة، وهم:
* تركي (الأول) وسعود وفيصل ومحمد وخالد.
* ثالثاً: الأبناء الذين توفوا ـ عدا الملوك الأربعة ـ وهم:
* تركي (الأول) ومنصور (وقد توفيا إبان حياة الملك عبد العزيز) ثم ثامر، وسعد (الثاني)، وعبد المحسن، وناصر، وحمود، ومشاري، وماجد، هذا فضلاً عمن توفى في صغره أو شبابه كما سلف. رابعاً: الأبناء الذين تولوا وظائف إدارية وقيادية (من غير الملوك الخمسة) وهم (مثالاً لا حصراً وبدون ترتيب): محمد (إمارة المدينة المنورة ونائب رئيس مجلس الوكلاء)، وناصر (إمارة الرياض) ومنصور (وزارة الدفاع)، ومشعل (وزارة الدفاع وإمارة منطقة مكة المكرمة)، وسلطان (الحرس الملكي وإمارة الرياض ووزارة الزراعة والمواصلات والدفاع، ونائب رئيس الوزراء وولاية العهد حالياً)، وعبد المحسن (وزارة الداخلية وإمارة المدينة المنورة)، وعبد الرحمن (نائب وزير الدفاع حالياً)، ومتعب (وكيل وزارة الدفاع وامارة منطقة مكة المكرمة ووزارة الشؤون البلدية والقروية حالياً)، وبدر (وزارة المواصلات ونائب رئاسة الحرس الوطني حالياً)، وطلال (وزارة المواصلات والمالية والسفارة في فرنسا)، وتركي(الثاني) (نائب وزير الدفاع)، ونواف (الديوان الملكي، مستشار خاص لفيصل، الاستخبارات، مستشار خاص للملك حالياً)، وفواز (إمارة الرياض، ومنطقة مكة المكرمة)، وسلمان (إمارة منطقة الرياض حالياً) وماجد (وزارة الشؤون البلدية والقروية، إمارة منطقة مكة المكرمة)، وعبد الإله (إمارة القصيم، الجوف)، وسطام (نائب أمير منطقة الرياض حالياً)، وأحمد (نائب أمير منطقة مكة المكرمة، نائب وزير الداخلية حالياً)، وممدوح (إمارة منطقة تبوك، مركز الدراسات الاستراتيجية)، وعبد المجيد (إمارة منطقة المدينة المنورة، إمارة منطقة مكة المكرمة حالياً)، ومقرن (إمارة منطقة حائل، إمارة منطقة المدينة المنورة، الاستخبارات العامة حالياً، فضلاً عن مناصبه العسكرية السابقة). خامساً: مجموعات «الأشقاء» من الذكور هم: 1 ـ تركي و(الملك) سعود 2 ـ محمد و(الملك) خالد 3 ـ سعد ومساعد وعبد المحسن 4 ـ منصور ومشعل ومتعب 5 ـ (الملك) فهد وسلطان وعبد الرحمن وتركي ونايف وسلمان وأحمد 6 ـ بندر وفواز 7 ـ بدر وعبد الإله وعبد المجيد 8 ـ طلال ونواف 9 ـ ماجد وسطام 10 ـ ثامر وممدوح ومشهور هذا ما تسنى لي الاجتهاد بكتابته على عجل، بعيداً عن المراجع، لعله يلبي التعريف على ذرية مؤسس المملكة العربية السعودية الراحل: عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، الذي نص النظام الجديد (هيئة البيعة) مجدداً، على أن يكون عقد البيعة في أبنائه وأحفاده، معتذراً عما قد يلحظ فيه من خطأ أو قصور.
* باحث سعودي