رزئ المجتمع السعودي في السنين الأخيرة بفقد وجوه عزيزة عليه في أثناء تواجدهم أو علاجهم خارج وطنهم، وكان منهم د. عبدالله الوهيبي 2005م في المغرب والشيخ ناصر المنقور 2007 في بريطانيا والشيخ ابراهيم العنقري 2008 في سويسرا، وكان آخرهم الأستاذ عبد الله الحقيل في أميركا يوم أمس، رحمهم الله جميعا.
والحقيل لم يكن – فحسب – صديق عمر أو زميل دراسة في تخصص الآداب 1963، أو رفيقا في عضوية مجلس الشورى السعودي حتى عام 2006، لكنه كان وجها اجتماعيا حظي بالكثير من التقدير والاحترام بين عارفيه في المجتمع السعودي وخارجه. وهو يتحدر من أسرة معروفة في مدينة المجمعة، كبرى مدن اقليم سدير شمال الرياض، أسرة أنجبت العديد من الأدباء والمؤرخين والقضاة ورجال الادارة، ولعله الوحيد بين هذه الأسرة الذي جمع بين أساس العلوم العربية في دراسته، والعمل في الادارة الحكومية، التخطيط ثم البلديات، ثم انتقل الى عالم الاقتصاد والأعمال من خلال مؤسسته المتخصصة في مجال مقاولات الكهرباء، الاتصالات، ومن خلال رئاسة مجلس ادارة البنك السعودي البريطاني حتى تاريخه.
لكن المتأمل في سيرته، لا يركز كثيرا على تلك المحطات بقدر ما يلتفت الى ما هو أثرى من الوظيفة والمركز الحكومي والمالي، وما هو متمم للتحصيل العلمي، وهو الارث الخلقي الذي جعل منه شخصية محبوبة، تتميز بالدماثة والفهم الواسع، ويتسم مجلسها بالحوار الفكري الرصين، والطرح الثقافي الموزون، وهو ـ بالاضافة ـ مجامل بقدر كبير، وصريح بدبلوماسية، واصلاحي بفهم واطلاع، وفيَ يعطي لكل من مجتمعه وأسرته وعارفيه حقهم وقدرهم.
لحرمه، وأبنائه هشام وياسر وحسام ومحمد وفهد وعبد العزيز وابنته منيرة، ولاخوانه وأخواته ولاسرة الحقيل كافة، خالص العزاء.
حقا، لا تدري نفس بأي أرض تموت، وبالتالي فلا تدري متى تصبح تاريخا، ثم لا تدري من يدون سيرتها.