خالد الفرج.. خليجي متعدد الروافد


حسن مدن – صحيفة الخليج الاماراتية
23 اكتوبر 2022م
لسنا وحدنا من يؤمن بوحدة الثقافة في بلدان الخليج العربي المختلفة، وأن رموز الإبداع والثقافة في هذا البلد الخليجي أو ذاك، أثّروا وتأثروا بنظرائهم في البلدان الخليجية الأخرى، وبين هؤلاء من يصعب حصر انتمائه في بلد خليجي بعينه، حتى لو كان قد ولد فيه ويحمل جنسيته، ففي مراحل سابقة، كان الأديب أو المثقف الخليجي يتنقل بين بلد وآخر، وقد يولد في بلد، ويعيش ردحاً من الزمن قد يطول في بلد آخر أو أكثر، حتى أنه قد يوارى الثرى فيه.
الأمثلة عندي حول ذلك كثيرة، وقد أشرت إلى هذا الأمر في كتابي الأخير «حداثة ظهرها إلى الجدار»، متناولاً سير بعض أدبائنا الذين تنطبق عليهم هذه الصفة، والحيز هنا لن يسمح بتعداد أسماء كل هؤلاء، حسبي هنا أن أشير إلى الأديب العماني عبد الله الطائي الذي ولد في عُمان وعاش في البحرين والكويت والإمارات قبل أن يعود إلى وطنه عمان ثانية، وفي كل بلد من البلدان التي عاش فيها انخرط في النشاط الثقافي والإعلامي والمجتمعي وترك بصمته في كل ذلك.
هناك مثال نموذجي آخر سابق للطائي هو الشاعر خالد الفرج، ويشير الباحث السعودي د.عبد الرحمن الشبيلي إلى أن الصحفي الفلسطيني محمد علي الطاهر منشىء مجلة «الشورى» المصرية عام 1924 أطلق على خالد الفرج لقب «شاعر الخليج»، كأنه بهذه التسمية يعبر عن صعوبة نسب الفرج إلى بلد خليجي بعينه، فهو ينحدر من جذور سعودية، وولد في الكويت في أسرة ميسورة الحال، وكعديدين من أبناء هذه الأسر عاش فترة في الهند وتأثر بثقافتها، ثم قصد البحرين التي طاب له المقام فيها وانخرط في نشاطها الثقافي، ولكن الإنجليز نفوه يومها منها، فعاد إلى الكويت، ثم قصد المملكة العربية السعودية حيث عيّنه الملك عبد العزيز آل سعود رئيساً لبلدية القطيف، واستقرّ في السعودية نحو 25 عاماً.
لم يقتصر حضور خالد الفرج على المجال الشعري والأدبي وحده، فقد عرف بشغفه بالطباعة، وهو أمر نشأ لديه فترة عيشه في الهند، فأسس في العام 1953 «المطبعة السعودية بالدمام» بدعم من الملك عبد العزيز، وسافر إلى ألمانيا من أجل شرائها وتابع تركيبها وهو في رحلة علاجية في لبنان وسوريا، حيث توفي ودفن في الأخيرة.