سعادة د. عبدالرحمن الشبيلي… وفقه الله …
قبل أيام كنتُ في مكتبة التراثية ووقعت عيناي على اسمك وممشاك فأسرعت إلى اقتنائه وكلي فخر وسعادة …
قرأته تلك الليلة حرفًا حرفًا وكلمة كلمة …
وجدت قلمك البديع وأسلوبك الرفيع وهو يتحفنا بجمال سيرتك العطرة ويحلق بنا في سماوات من الزمن الزاهي على مر سنوات العمر الطويلة … أيام الطفولة وملاعب الصبا وعفويتها ، وسنوات الشباب وحماسها ، وتجارب الكهولة وحكمتها …
سيرة كان الطموح شعارها ، والهمة وقودها ، والوفاء عنوانها ، والصدق ديدنها ، والإخلاص مبتغاها ، والإنجاز هدفها …
أحزن قلبي جدًّا ثم جدًّا لحظة الرحيل من التلفزيون ذاك الصرح الذي رعيته وبنيته وأفنيت زهرة شبابك لتأسيسه والنهوض به … رحلت وقد جرت رياح الوشاية بما لا تشتهي سفن كرامتك ومهنيتك … وكان بينك وبين شاطئ أمانها ألف واش ينعبُ … وبالرغم من موقف الأبوة الحانية من الملك فهد رحمه الله والرعاية الكريمة من الملك سلمان رعاه الله … إلا أنك آثرت الرحيل !!رحلتَ وفي قلبك جرح نازف وفي عينيك دموع لم تنهمر …
وليس أقسى على الإنسان من الوداع مرغمًا لمكان كان يعده وطنًا ، ويراه سكنًا ، ويعتقده ملاذًا لإحلامه وطموحاته …
والمصيبة أنهم لم يكتفوا بكيدهم لك في الإعلام فها هو أحدهم يواصل مسيرة التربص وأنت في جلسة من جلسات الشورى وينسب إليك مالم تقله أو تعمله …
ومع كل هذا وذاك كنت الحر الأبِيّ والشهم النبيل ، واصلت طريقك إلى قمة المجد دون الالتفات لطعنات الخصوم فضلًا عن النزول لمستواهم وبقيت هناك حيث المكان والمكانة والقيادة والريادة …
أبكاني كثيرًا جدًّا حديث الوالد عن ولده طلال ، ورحيل فلذة الكبد وسواد العين ، وعودة الجثمان إلى أرض الوطن على متن طائرةٍ الأبُ والأمُ من ركابها … بل إن الأم لا تعلم أنها ترافقه ويرافقها في رحلة العودة ….
يا ألله …💔💔
أستاذي القدير ..
قرأت في خُطَاك المباركة وجع القلب عندما تتكالب الظروف لتوقفك عنوة عن تحقيق الآمال والأحلام ليضطر الإنسان الكريم إلى الانسحاب قبل أن يعثر أو تعثر به فرسه فيشمت به الحاقد ويسخر منه الحاسد ويتألم له الصديق المحب … وهذا ما كان منك بعد إيقاف برنامجك الرائد (شريط الذكريات ) .
قرأت في خُطَاك الوفاء لمن دعمك ووقف معك وعلى رأسهم معالي الأستاذ جميل الحجيلان ومثله أصدقاء البدايات ورفقاء المسيرة …
قرأت في خُطَاك النبل والإباء فلم تحاول الانتقام ممن أساء لك أو حرمك أو نال منك ووشى بك …
قرأت في خُطَاك الثقة العالية في ممشاك فكنت واثق الخطوة أينما حللت … أنجزت وأبدعت وتميزت في الدراسة أولًا ، ثم الإعلام ثانيًا ، فالتعليم العالي ثالثًا ، ومجلس الشورى رابعًا ، وأخيرًا التفرغ للتأليف والتوثيق … وفي كل مرحلة كنتَ الفارس الذي لا يشق له غبار ولا يتهيب صعود الجبال …
قرأت في خُطَاك لوعة فراق الأصول الأب والأم ومصيبة فراق الفروع الابن طلال وأن الصبر والرضى هما السبيل الوحيد للنجاة من عواقبها الأليمة …
قرأت في خُطَاك أن الحياة شراكة بين الزوجين وقد كانت أم طلال رفيقة درب عظيمة من أيام دراستك في بلاد الغربة ثم عملك المتعب والمرهق في الإعلام وكثير انشغالك وارتباطاتك فقد كانت المرأة العظيمة بجوار رجل عظيم …
قرأت في خُطَاك أنه كلما أغلق باب فتح الله للصابر المثابر والمجتهد الصادق 100 نافذة وإن طال الزمن !
أستاذي النبيل …
لو توقفتُ في رسالتي إليك عند كل مرحلة من مراحل مسيرتك مستلهمًا ما فيها لكتبت المجلدات وزينتُ أوراقها بجميل قولك ورائع فعلك وعظيم إنجازك …
وختامًا أقول …
كنتَ وما زلتَ وستبقى رمزًا من رموزنا ورائدًا من روادنا وقامة من قاماتنا الوطنية بك نفخر ونباهي بين الأمم إذا جمعتنا بهم المجامع …
بارك الله عمرك وحياتك ونفع بعلمك وعملك …
طابت أوقاتك …
ابنك ومن كان له شرف مقابلتك ومحاورتك وقراءتك:
عبدالرحمن السعد
الإثنين : 10-4-1440
الموافق : 17-12-2018